إلى كل قلب يخفق بالرحمة 00إلى كل إنسان يعلم بأن زمن حياته في الكون معدود00ومضى يحسب حساب ذلك00إلى كل عقل عالم بتصاريف العالم ومآل الظالم في الدنيا والآخرة00أهدي قصتي التي مافتئت تفاصيلها تستكتبني لأتلو مواجعها وأشجانها إليكم00لأنبه قلوبكم إلى مأساة أصحابها00فحاشاكم أن تهملوها أو ترموها بعيدا عن قلوبكم00بل خزنوها داخلوها وغلفوها بغلاف الشفقة 00وانسخوا منها بعدد ما شعرتم بقبضات باردة تعتصر قلوبكم وأرسلوها إلى كل من يهمه الأمر00فإن هناك أجسادا صغيرة تمشي حولكم وليسوا ببعيدين عنكم 00ولكنها أجساد بقلوب قتيلة !
مرت طوابير الصغيرات من أمامي في المدرسة الخاصة بالعاصمة ،كنت منهكة ذلك الصباح00فقد قارب الفصل الدراسي على نهايته ،والمديرة تستحثني على إنهاء دفاتر الدرجات للطالبات وإدخالها في الحاسب،فيما كانت المشرفة التربوية تنير صباحاتي بحضورها هذه الأيام لتستحثني أيضا على إنهاء أسئلة الإختبار النهائي للطالبات للمواد التي أدرسها00بينما كانت عدة من الطالبات يطالبن بإعادة إختبار أعمال السنة لدرجات أفضل00أي بإختصار (مضغوطة)!
دخلت الفصل00الطالبات مسرورات فقد عملن حفلة بسيطة بمناسبة قرب إنتهاء الفصل كن يردن مني مشاركتهن 00إبتسمت ثم قلت /بعد التفتيش على الدفاتر!
كالعادة نجود الجالسة في آخر الصف لم تكمل دفترها الذي للأمانة لا يحوي إلا درسين 00وحتى الإختبار لم تدخله كما يقولون مهملة والبعض يقول :غبية000كنت بحق متوترة ذلك الصباح 00نظرت إلى وجهها الناحل،لماذا لم تحلي الواجب 0
لايوجد رد كالعادة00إستفزني صمتها00تذكرت ماقالته أبلا سارة:والدها سكير معربد طلق والدتها وهي تعيش معه برفقة إخوتها ،والدتها إتصلت بنا وهي حزينة ولاتملك شيئا إزاء تدهور وضع نجود التعليمي لكنها تقول عاملنها كأنها إبنتكم وإضربوها إن تكاسلت أو تقاعست 000
لقد أعطت الأم المعلمات الإشارة الخضراء لضرب إبنتها وهي غافلة ،فأصبحن لا يعاملنها إلا بالضرب والصفع بل ويحثثن بعضهن على ضربها ما إن تقصر ، وربما تفريغا لضغوطاتهن في الطفلة ، فلا أحد سوف يسأل عنها أي هي (يتيمة )!
في لحظة ضيق عصفت بي سأما من كل توجيهاتي التي لم تأخذ الطالبة بها منذ بداية السنة وغيظا من الضغوط المتراكمة علي 00رفعت والله يدي لاول مرة لأصفعها فماذا حدث ؟
الصبية تراجعت وإلتصقت بالجدار رفعت يديها وكأن قنبلة ستهوي عليها
شحب وجهها الناحل الذي رسم البؤس عليه أخاديد 00زاد إنتفاش شعرها الذي لم يمشط جيدا00
نظرت إلى هيكلها النحيل 00فجاءة إجتاحتني قبضة باردة عصرت قلبي 00شئ قال لي /أن هذه الفتاة تتعرض للعنف والضرب في المنزل 00إنها ضحية 000
كانت الطالبات ينظرن إليها في تشفي وتكبر ينتظرن متى أضربها كبقية المعلمات ، كانت وحيدة في الأخير في صف لوحدها 0
(دار في ذهني سؤال عاجل وهل أفاد الطفلة الضرب )؟
مددت يدي إحتويت وجهها الناحل بشحوبه وهي غير مصدقة 00همست بعتاب/ لماذا يانجود لم تكملي دفترك ولم تختبري معنا؟ مع أنه يبدو عليك الذكاء00كتبت على دفترها عبارة نجود طالبة مجتهدة!
كانت نظراتها لي غريبة وزائغة وكأنها تقول : لماذا لم تضربيني مثلهم؟
لماذا تشجعيني وكلهم يقولون إني غبية؟ بدءا من زوجة والدي وحتى زميلاتي؟
طبعي عنيد ولا أحب أن أتبع البقية بدون تفكر وروية، وأخذت حصة بعد حصة أكيل لها المديح والتشجيع برغم إمتعاض زميلاتها منها ، واللاتي علمهن الناس إزدراء الضعيف 0
كانت تغيب كثيرا وكلما جاءت نالت نصيبها من التشجيع!!
كل المعلمات لم يتغير مستواها في موادهن ، لكني لاحظت ملاحظات على الطفلة ،لقد بدأت تنظر إلي في ثقة وود،لقد بدأت تنظر بثقة أكبر في النفس لقد بدات والله تمشط شعرها بترتيب اكبر00حتى مريولها بدا نظيفا مرتبا!
وفاجئتني مرة بتقديم دفترها لي وأنا جالسة في مكتبي وذهبت مسرعة0
واو قلت في غبطة وإندهاش /الدفتر كان مرتبا ومرسوما عليه ورود جميلة جدا بل والخط كان رائعا مكتوبا بيد ثابتة رفعت الدفتر /معلمات أنظرن هذا هو دفتر نجود!
ضحكن معي، وقلن أرأيت صبرك لم يذهب سدى!
شعرت والله بالسعادة الحقة 00لقد نفست ضغوطي بالرحمة لمن تركهن الله أمانة في يدي ولم أكن عونا عليهن في زمن خان الأمين فيه أمانته!
لقد شعرت بضغوطي تتبدد وإيماني بالله يتجدد!
لكن نجود إنتقلت إلى مدرسة أخرى وإنقطعت عني أخبارها وأسأل الله لي ولها العون والثبات والسلامة !
فلنرسم بلمساتنا الحانية قصصا جديدة يتلوها من تمسهم أناملنا الحانية على أنفسهم لترتفع ثقتهم بأنفسهم وترتفع هممهم لقهر الأحزان000لنكون قصة يحكونها عن نبلها لصغارهم فيما بعد ، يدك بيدي هيا فلنساعد !